في أرابيت, أكادية, الإنچليزية بقلم

الآكادية شقيقة العاربة وبنت عم الإنجليزية

 أخت العربية القديمة وكلاهما من بنات اللغة الأم المعروفة باسم اللسان العربي القديم (Ancient Arabian) في عصر الحجر
الآكادية كلام البابليين والآشوريين ولغة جلجامش واترا حسيس

“عربيت”، ولفظة رابعة لجزيرة العرب “عروب”، وخامسة لصحراء الجزيرة «باز»، وصفها نص مُخلّد بالآتي: “أرض باز مكان قصي، وامتداد من الأرض الجافة… سلكتُ طرقاً نائية عبر جبال وعرة وكثبان رمل ضخمة؛ هي أرض عطش.”
وتذكّر نصوص آكادية مخلدة أخرى بمشاهدات الرحّالة الأوروبيين الذين زاروا جزيرة العرب في القرن التاسع عشر، فالرمل والظمأ في كل مكان، والبيوت والمعابد المهدّمة أو المدفونة تحت الرمال تصدم المشاهد أينما ذهب. لكن أحد الفوارق بين المشاهدتين أن الناطقين بالآكادية كانوا يزورون أرضاً هجرها أجدادهم في ألفيات أسبق لأسباب لم يكن القحط أهمها في الحالات كلها، فيما زار الرحالة الأوروبيون أرض العرب بدوافع عدّة منها الرغبة في التحقق من بعض ما قرأوه في حكايات ألف ليلة وليلة، وبعض الأسباب الأخرى.
والآكادية ليست اسم أمّة بل اسم لسان نطقت به في العراق أقوام، منها قوم آشور ومن بعدهم بابل، انحدرت في قديم أصولها من أمّة موطنها جزيرة العرب. وتفرّقت هذه الأقوام خلال الألفيّات القديمة إلى قبائل معروفة في بعض كتب التراث والسيرة باسم «العاربة»، وصفها ابن خلدون بإنها من أعظم الأمم قدراً، وكان لهم ملوك ودول‏‏ في جزيرة العرب والشام ومصر، ومنهم عاد وثمود وطسم.

ويتسم نص ابن خلدون بقيمة تاريخية عالية فهو، في رأي بعض الباحثين، المؤرخ الأهم الذي وضع العاربة في مكانهم التاريخي الصحيح. وما ساقه ابن خلدون أهم نص عن العاربة ليس في العربية فقط بل في أي لغة في العالم أيضاً، فهم أشهر أمّة في التاريخ، ومنهم بعض فراعنة مصر، والآشوريون والبابليون والعموريون والآراميون، وغيرهم في الشام، والكنعانيون ممثلين بقبيلة طسم التي عاشت في نجد إلى جانب اختها المشهورة جديس، وقبائل أخرى في جنوب جزيرة العرب وشرقها منها جرهم وأميم والعماليق وجسم، وغيرها، وتولّت بعض هذه القبائل شؤون مكة مئات السنين.
ويمكن القول إن معظم قبائل العاربة يشترك في أصل عرقيّ واحد، وفي تاريخ قديم واحد، وسطوة حربية ميّزت أهل اليمن واحدة من أقدم الأمم الحربيّة في التاريخ، إلى جانب قوّتهم الاقتصادية الكبيرة، وسيطرتهم على التجارة القديمة وطرقها البحرية والبرية. واقتضى استمرار هذه السيطرة استمرار تطوير صناعة السفن والأسلحة، وعلوم الملاحة البحرية والبريّة، والأبجديات الأدبية والرقمية، وتطوير النقد، كما اقتضى تنظيم الأسواق الموسميّة لتنشيط التجارة.
ويروي تاريخ الحضارة أن بعض أسواق العالم القديم كان جامعات العالم القديم ومنابر المقادحة الفكرية وتطوّر الأفكار. وحيثما اتجه الناس إلى سوق للتجارة، وغيرها، وجد الناس الكهنة والشعراء والمفكرين في الطريق نفسه إلى السوق نفسه. وعلى أطراف الأسواق الأشهر قامت المعابد الأولى، وهذا كله معروف في تاريخ العرب وتراثهم، وفيه الكثير عن الأسواق القديمة ومراكزها ومواقيتها. وفي كتب التاريخ والتراث والانساب تباين ملفت في شأن العاربة، فمن الكتّاب من أعلى قدرهم، مثل ابن خلدون والطبري، وغيرهما، ومنهم من رأى غير ذلك. لكن معظم المؤلّفين اتفق على اشتراك العاربة في لسان واحد هو لسان العاربة الذي اسماه البعض «العربية».
والآشوريون والبابليون في العراق القديم من أصول العاربة، ولسانهم في الأصل لسان باقي قبائل العاربة، لكنهم عرفوه باسم «الآكادية» التي يعتبرها الكثيرون أقدم المخلّد من الكلام في العالم. ويعتقد بعض الباحثين أن لفظة «الآكادية» نسب مدينة «أكد»، لكن آخرين يعتقدون أن النطق باللسان سبق تأسيس تلك المدينة، إذ وردت أسماء آكادية في نصوص سومرية مخلدة قدّر البعض عمرها بنحو خمسة آلاف سنة.

والآكادية من بين أكمل الألسنة القديمة التي درسها المهتمون باللغات اعتماداً على نصوص في مئات الألوف من الصلصاليات وغيرها من أسطح النقش والحفر، مما مكّن لغويين من بناء معجم ضخم من ستة وعشرين مجلداً. وفي الانترنت عشرات المواقع المعنية بحضارة الآكاديين والبابليين ولسانهم وعلومهم وتاريخهم الذي يقيم له البعض اتصالاً متأخراً ببعض النصوص العبرانية.

(Visited 1 times, 1 visits today)

Last modified: 4 يناير، 2023

اشترك للحصول على نصائحنا الأسبوعية ، ومهاراتنا ، ومعداتنا ، ونشراتنا الإخبارية الشيقة.
Close