في *أل, أرابيت بقلم

أصل اسم الله

كتب سائل إلى موقع ملتقى أهل الحديث: “يقول بعض المفترين إن اسم الله كان يُطلق على صنم فى قريش، وان عمر هذا الاسم هو خمسون عاما فقط قبل مجيء الاسلام، وان هذا الاسم ليس موجودا الا عند العرب فقط وليس عند الامم الاخرى التى سبقت الاسلام، فهل هناك ادلة نستطيع ان نثبت بها أزلية هذا الاسم الجليل، وهل هناك ما يثبت ان هذا الاسم كان موجوداً عند غير العرب؟
وجاء في الرد: “أظن أن المفتري نصراني عليه من الله ما يستحق، ويا أخي الحبيب، أولا :أليس تتفق معي أن من أبجديات الحوار ان يكون الكلام بدليل مسند لكل قول قائل وإلا لو كان لا إسناد لقال كل إنسان ما يشاء، وكما يقولون في مصر: الكلام ما عليه جمارك، فكان ينبغي أن تطالبه بسند قوله أو مرجعية هذا الكلام، ويجب عليه في هذا الامر أن يكون كلامه من مصادر كتبت في الجاهلية وهذا لو قلنا مستحيل فلا مبالغة فيه. و لم يأت بالطبع فيطالب بمصدر قريب من هذا العهد وهذا أيضا مستحيل لعدم وجود أي مصدر، على حد علمي، قال هذا ولو كان لنقل إلينا في المصادر كما نقلوا أسماء الأصنام وأوصافها وصنم كل قبيلة وبطن كما هو معروف في كتب التواريخ او السير او اخبار الجزيرة العربية و ما حولها .
ثانيا : جاء في بعض كتب التفسير، كما ذكره ابن جرير (الطبري)، أن صنم اللات كان المشركون قد اشتقوا اسمه من اسم الله. واللات مؤنث من اسم الله وهذا قول في تفسير قوله تعالى: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى* وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى [النجم:19-20]. وللمفسرين نقول أخرى وأرجحها، والله أعلم، أنه كان رجل يلت السويق للحجيج يقوم عند صخرة فلما مات سموا تلك الصخرة اللات نسبة إلى الرجل:  يلت: أي يخلط السويق بشيء من الماء او السمن او اللبن؛ السويق طعام يتخذ من مدقوق الحنطة والشعير؛ وهذا نقل عن ابن عباس ومجاهد والربيع بن أنس. وقال البخاري في صحيحه : كتاب التفسير :باب أفرأيتم اللات والعزى :حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا أبو الأشهب حدثنا أبو الجوزاء عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله اللات والعزى كان اللات رجلا يلت سويق الحاج.
وعلق صاحب فتح الباري فقال :أخرج ابن أبي حاتم من طريق عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس ولفظه فيه زيادة “كان يلت السويق على الحجر فلا يشرب منه أحد إلا سمن ، فعبدوه”، واختلف في اسم هذا الرجل، فروى الفاكهي من طريق مجاهد قال: ” كان رجل في الجاهلية على صخرة بالطائف وعليها له غنم ، فكان يسلو من رسلها ويأخذ من زبيب الطائف والأقط فيجعل منه حيسا ويطعم من يمر به من الناس، فلما مات عبدوه”، وكان مجاهد يقرأ : “اللات” مشددة. ومن طريق ابن جريج نحوه، قال: وزعم بعض الناس أنه عامر بن الظرب.
وقيل في متابعة في الصفحة نفسها: “المصادر التي ذكرت الله وانه معروف قبل الإسلام منها كتابا اليهود والنصارى: التوراة والإنجيل
جاء فيه اسم الله صريحا، ولكن لا أدري هل يصح إنزال نصوص الإنجيل المحرف هنا في الموضوع أم لا يصح،  فأنا في إنتظار توجيه الأخوان الفضلاء. هذه بعض النصوص التي جاء فيها ذكر الله ونحن نقر بان الله ذُكر في الكتابين التوراة والإنجيل مع مخالفتنا وعدم قبول اعتقاد النصارى في الله وأنه ثلاثة أقانيم.
ها هي أكثر من ألفي آية بها كلمة “الله” في كل من العهد القديم والعهد الجديد في الكتاب المقدس: “فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ” (سفر التكوين 1: 1(؛  “وَقَالَ اللهُ: «لِيَكُنْ نُورٌ»، فَكَانَ نُورٌ” (سفر التكوين 1: 3)؛  “وَرَأَى اللهُ النُّورَ أَنَّهُ حَسَنٌ. وَفَصَلَ اللهُ بَيْنَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ” (سفر التكوين 1: 4).
صفحة الموقع هنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=250469ورأى المجيب، أو غيره، أن “أحسن شيء تشوف التفاسير”، ثم أحيل السائل إلى مراجع في رابط في صفحة غيرها عُرضت فيها اجتهادات تتصل باستفسار إن كانت لفظة الله مشتقة أم جامدة، تقدمها اجتهاد الطبري: “قال أبو جعفر، أي الطبري: وأمّا تأويل قول الله: “الله”، فإنه على معنى ما روي لنا عن عبد الله بن عباس: هو الذي يأ لهه كل شيء، ويعبده كل خلق. وذلك أن أبا كريب حدثنا قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، قال: حدثنا أبو روق، عن الضحاك، عن عبد الله بن عباس قال: الله ذو الألوهية والمعبودية على خلقه أجمعين. فإن قال لنا قائل: فهل لذلك في “فعل ويفعل” أصل كان منه بناء هذا الاسم؟ قيل: أما سماعا من العرب فلا، ولكن استدلالا. فإن قال: وما دل على أن الألوهية هي العبادة، وأن الإله هو المعبود، وأن له أصلا في فعل ويفعل؟ قيل: لا تمانع بين العرب في الحكم – لقول القائل يصف رجلا بعبادة ويطلب مما عند الله جل ذكره: تأله فلان بالصحة – ولا خلاف. ومن ذلك قول رؤبة بن العجاج :لله در الغانيات المده سبحن واسترجعن من تألهي، يعني من تعبدي وطلبي الله بعمل .ولا شك أن التأله “التفعل” من: أله يأله، وأن معنى “له” إذا نطق به: عبد الله. وقد جاء منه مصدر يدل على أن العرب قد نطقت منه بـ “فعل يفعل” يغير زيادة.
وقال القرطبي :واختلفوا في هذا الاسم هل هو مشتق أو موضوع للذات علم؟ فذهب إلى الأول كثير من أهل العلم. واختلفوا في اشتقاقه وأصله؛ فروى سيبويه عن الخليل أن أصله “إلاه”، مثل فعال؛ فأدخلت الألف واللام بدلا عن الهمزة. قال سيبويه: مثل الناس أصله أناس. وقيل: أصل الكلمة “لا” وعليه دخلت الألف واللام للتعظيم، وهذا اختيار سيبويه. وأنشد: لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب عني ولا أنت دياني فتخزوني. رابط الصفحة هنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=4366
—–
الغريب الواقع
إذاً، يُستخلص مما تقدم أن المجيب لا يعرف أصل اسم الله، ومثله الطبري وابن عباس ومجاهد والربيع بن أنس والبخاري ومسلم بن إبراهيم وأبو الأشهب وأبو الجوزاء والفاكهي، من طريق مجاهد، وابن جريج والقرطبي وسيبويه والخليل. وإذا شاء الانسان الايجاز لقال ليس في مصادر العربية قاطبة، بما في ذلك تفاسير القرآن الكريم والحديث، من يعرف أصل اسم الله.
وقيل أعلاه إن اسم الله معروف قبل الاسلام والدلالة أنه في كتابي (كتب) التوراة والانجيل فما تفسير ذلك؟
وهنا خلط بين ما هو متاح وأصلي وبين ما هو متاح لكنه مترجم عن لغات أخرى.
ويقال إن أقدم نص بالعربية لترجمة العهد القديم ورقة عُثر عليها في الجامع الأموي في دمشق لجزء من المزمور 77 تاريخه القرن الميلادي الثامن لكن لا يبدو أن هذا النص متاح للتدقيق. وفي يوتيوب فيديو اسمه “العهد القديم بالعربية” لكنه فيديو دعائي ليس فيه أي توثيق:
https://www.youtube.com/watch?v=0ianuk9xyuk
ومتاحة للاستعراض ورقة قيل إنها من ترجمة للعهد القديم إلى العربية قيل إنه عُثر عليها في القرن التاسع عشر في دير القديسة كاترينا (سيناء)، وقيل إن تاريخ الترجمة سنة 867 م. ويبدو أن اسم الله في هذه الترجمة، وترجمات عدة أخرى، ترجمة إلى العربية للفظة العبرية “يهوا” كما ذكر اسم الله بلفظة “الرب”. وعربية نص الصفحة عربية شائعة لا تلتزم القواعد المعروفة في عربية النصوص.
معلومات إضافية هنا:
http://en.wikipedia.org/wiki/Bible_translations_into_Arabic#cite_note-Bromiley1995-2

إذاً، المتاح من المخطوطات المترجمة ليست دليلاً على أن الاسلام أخذ لفظة “الله” من ترجمات العهد القديم وإنما استخدمت الترجمات، كما يبدو، الاسم الشائع عند النصارى لاسم الله، وربما كان السبب أن نصارى المشرق لم يجدوا فرقاً بين مفهوم الله وبعض صفاته المعروفة في الاسلام ومفهوم الله وبعض صفاته في التوراة أو الانجيل.
رأي تأصيل الكلام أن “يهوا” كناية الغائب، أي أن أصلها “يا هو” مضمرة اسم الله، أو كما يُقال في العربية “هو العالم بكل شيء” ليُقصد بالضمير “هو” الله. اسم الله صريحاً في العبرية “الوهيم” أصله الثنائي “ال” وهي أصل لفظة “الله” كما سيُعرض في هذه الدراسة بالتفصيل المناسب.
ويحق للمسلم الواعي أن يقول لنفسه قبل أن يقول للآخرين: لا توجد في الأديان لفظة أهم من اللفظة التي تعني “الله” فما هي الأسباب التي غُمض فيها أصل هذا الاسم على جماعة التفسير والحديث بلا أي استثناء مع أنه اسم يردده الملايين كل يوم في أيامنا مثلما كانوا يرددونه في العصور الأسبق، وما هو التقييم الصحيح لمجلدات التفسير والحديث إن كان أصحابها لا يعرفون أصل أهم لفظة في الأديان جميعاً هي “الله”؟
ويقال هنا إن معرفة أصول الكلام ليست شرطاً أساسياً لتمكين الناطقين بلغة معينة، ولتكن العربية، من تحقيق أهم أهداف الكلام، أي التواصل بين الناس.  ولا قيمة، في الواقع لما ورد في النص أعلاه، ولم يقدم القرطبي للناس فائدة من استحضار اجتهاد سيبويه والخليل الذي نقل عنه، ولا حقيقة للزعم إن اسم الله من أله يأله، وشرق بعض أهل العلم وغرّب بعضهم في الزعم أن أصل اسم الله “إلاه” أو أن الألف واللام بدل الهمزة، ولا صحة لمثال سيبويه أن أصله من “الناس” التي أصلها “أناس” فإنما أصل أناس والناس الثنائي *نس ومنه نسل ونساء ونسأ.
ثم زعم سيبويه أن أصل اللفظة “لا” وعليه دخلت الألف واللام للتعظيم، ولا قيمة لمثاله الذي يبدو من صنف المصنوع.
وهذه في أغلبها اجتهادات من لا يعرف فلا يُلام الانسان على جهل، وإنما في النص استخفاف بعقول الناس اليوم وعقول الناس قبل الاسلام وفجاجة في العرض والطرح كما هنا: “أخرج ابن أبي حاتم من طريق عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس ولفظه فيه زيادة “كان يلت السويق على الحجر فلا يشرب منه أحد إلا سمن ، فعبدوه”.

وربما لوحظ أن الأسماء التي عُرضت أعلاه أسماء أهم المفسرين والمحدثين واللغويين، ولا يبدو أن جهل أصل اسم الله اقتصر على السابقين فجماعة الكلام في عصرنا تواجه المشكلة نفسها، والبعض جهد، من دون نجاح كما يبدو، في الاجابة عن السؤال، فيما الجواب في صورة نص صفحة المخطوطة المرافقة لهذا المقال، أي أن اسم الله هو الاسم الشائع لله بين المسلمين والنصارى ولو قيل إنه اسم صنم في قريش لقيل في الوقت نفسه إن نصارى المشرق كانوا يألّهون صنماً.

(Visited 12 times, 1 visits today)

Last modified: 4 يناير، 2023

اشترك للحصول على نصائحنا الأسبوعية ، ومهاراتنا ، ومعداتنا ، ونشراتنا الإخبارية الشيقة.
Close