في أچـو, أسماء أچو, عالم أچو بقلم

القيامة يبدو قامت قبل 13 ألف سنة فهل هناك قيامة ثانية؟

في القرآن آيتان فيهما سجر: «فى الحميم ثُمّ فى النّار يُسجرُون» (غافر، 72)؛ «وإذا البحارُ سُجّرت» (التكوير، 6). في تفسير الطبري للآية الأولى: «قوله (ثُمّ في النّار يُسجرُون) يقول: ثم في نار جهنم يحرقون، يقول: تسجر بها جهنم: أي توقد بهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ثم عرض الطبري، كالعادة في حالات كثيرة، الرواة والروايات: مجاهد، في قوله: (يسجرون)، قال: يوقد بهم النار؛ السديّ (يسجرون)، قال: ثم في النار يحرقون؛ ابن زيد في قوله: يسجرون في النار: يُوقد عليهم فيها.

أما وقد اتفق رأيُ الطبري ورأي رواته في الآية الأولى أن السجر هو الحرق أو إيقاد النار، جاء إلى الآية الثانية فوجد المحروق لا يوافق الحرق لأنّ ماء البحار ليست وقوداً فُيحرق، فأخرج نفسه من الشرح، وأعطى ابن كعب مايكروفون الكلام: «(وإذا البحارُ سُجّرت)، قال: قالت الجنّ للإنس: نحن نأتيكم بالخبر، قال: فانطلقوا إلى البحار، فإذا هي نار تأجج؛ قال: فبينما هم كذلك إذ تصدّعت الأرض صدعة واحدة إلى الأرض السابعة السفلى، وإلى السماء السابعة العليا، قال: فبينما هم كذلك إذ جاءتهم الريح فأماتتهم.»

وهذا “سيناريو” الآية عرضها ابن كعب كما لو أنه كان حاضراً يوم القيامة وبيده كاميرا فيديو لكن ليس شرحها. وبما أن معنى اللفظة استعصى فلتُنظر في لسان العرب ترجمة سجر: «سجره يسجُرُه سجراً وسُجوراً وسجّره: ملأه، وسجرتُ النهر ملأتُه، وقوله تعالى «وإذا البحارُ سُجّرت»، فسره ثعلب فقال: مُلئت (هذا مطابق للتفسير، فلا يُعتد به ولا بما بعده فمعظمه مقاربة وتوسيع لمعنى الامتلاء). ويضيف ابن منظور: «انسجرت الإبلُ في السير: تتابعت، والانسجارُ: التقدّمُ في السير».

هذا هو معنى لفظة سجرت، أي «سيقت». فيكون معنى القول: (فى الحميم ثُمّ فى النّار يُسجرُون)، أي «يساقون كالبعير»، ومثلها البحار، لكن ليس كالبعير بل مدافعة. ويُلاحظ في شرح سوق: «قوله تعالى (وجاءت كل نَفسٍ معها سائق وشهِيد)، قيل في التفسير سائق يسوقها إلى محشرها. الأصمعي: السَّيق من السحاب ما طردته الريح كان فيه ماء أو لم يكن، وساقة الجيش مؤخره، وقيل: كان يسوق أصحابه أي يُقَدِّمُهم» (سوق).

هذا المعنى قريب جداً من «سجرت»، لكن المترجمين لم يَردّوا الكلمة إلى النواة *سق. هذه النواة قرن من قرني الفصيلة اللغوية ✤سق⇆قس، وهي فصيلة القياس والمقاسات والأقواس الأهم، لكن ليس في ترجمة «سقق» أي إشارة إلى معاني القياس. وليس في كلام اللغويين تفسير لهذا الاختلاط الذي لايتضح تماماً إلا عندما يكشف تأصيل الكلام أن جيم سُجّرت مثلثة تُرحّل عادة إلى الكاف والجيم لكن الترحيل إلى القاف شائع.

ويُقال الآن إن «سجر» الناس إلى النار يتفق في عمل التتابع والسوق كالماشية، فالتعبير «إذا البحارُ سُجّرت» استعارة جميلة لأن الماشية تُساق فتختلط وتموج في اجتماعها. والملفت أن ابن منظور ساق في صدر ترجمة سجر المعنى الذي وجده في كلام التفسير (البحار سجرت: ملئت) لكنّه عرض في منتصف الشرح تقريباً المعنى الصحيح للكلمة، أي السوق والاسترسال بالقول: «شعر مُنسجر ومسجُور (في القاموس: مسوجر): مسترسل. الجوهري: اللؤلؤ المسجُور: المنظوم المسترسل».

ومن كلام محكيّة فلسطين «سوكورتاه» و«سوكرة» بمعنى تأمين السيارات. والكلمة معروفة في الانكليزية security وsecure بمعنى أمن وتأمين الشيء وربما حسب السامع أن اللفظتين في المحكيّة مُستعارتان من الانكليزية. الصواب هو العكس، أي أن أصل اللفظة الانكليزية من كلام العاربة، ولها ثبت واضح في العربية هنا: «كتب الحجاج إلى عامل له أن ابعث إليّ فلاناً مُسمّعاً مُسوجراً، أي مُقيّداً مغلولاً. وكلب مسجُور: في عنقه ساجور» (لسان العرب (ل.ع)، سجر).

والشرح الأخير «في عنقه ساجور» يستوقف لأنه ليس من شروط السجر التقييد، والكلب المسجور لا يعني أنه مقيد، فربما كان الساجور نوعاً من الرقى يضعها بعض الناس حول أعناق البعير والكلاب وغيرها. وتُظهر الآكادية المشكلة في لفظة ليست سجر بل سچبو sagbû من معانيها: «طليعي، في طليعة الجيش والسباق، مُقدّم»، فيما تعرض لفظة أخرى معنى السوق الضمني في سچول sagullu «قطيع».

إذا كانت صحيحة سچبو sagbû «سچب»، فلهذه اللفظة ترحيل بالقاف سقب: «السّقب ولد الناقة، وقيل هو سقب ساعة تضعُه أمه» (ل.ع). إذا تصور المرء الحالة فهي حالة ولد الناقة تدفعه عضلات الرحم في اتجاه المخرج. إذا كان المرء يراقب الولادة فما سيراه هو تقدم ولد الناقة في طريق الخروج من الرحم.

سقب، بالسين، إلا أنها ترد في القرآن بالثاء (ثاقب، الصافات 10، الطارق 3)، والثاء ليست من حروف الآكادية أو السومرية. ويمكن تصوّر المعنى بتصوّر سرعة من كان في طليعة المتسابقين في السباق. لذا، قول بعض المفسرين في تفسير الطبري إن معنى النجم الثاقب: «المضيء» أو قول ابن عباس «إذا أضاء» ليس بشيء وهو من نوع تحصيل الحاصل لأن النجوم مضيئة بالطبيعة.

وقول عكرمة: «النجم الثاقب: الذي يثقب» ملفت لا لصواب التفسير، كما زعم البعض، بل لأنه من الصعب تصوّر حالة يتحوّل فيها نجم إلى حفّارة، وإنما لأن جماعة الكلام احتضنت تفسيره واحتفلت به وأيّدته وزادت إليه واخترعت له الأسانيد من الأحاديث والشعر وكلام الرعاة، وابتكرت جماعة الكلام لخطأ في التفسير معنى «العالم الفطن»:

«ثقب: 1) الليث/الخليل: الثقب: مصدر ثقبتُ الشيء أثقبه ثقباً، والثقب اسم لما نفذ؛ 2) الجوهري: الثقب: واحد الثقوب؛ 3) غيره: الثقب: الخرق النافذ؛ 4) المُثقّب لقب شاعر من عبد القيس معروف سُمي به لقوله: وثقّبن الوصاوص للعيون؛ 5) أبو زيد: تثقّبتُ النار فأنا أتثقبها وأثقبها إثقاباً وثقّبتُ بها تثقيباً ومسكت بها تمسيكاً؛ 6) الفرّاء: الثاقبُ المضيء، وقيل النجم الثاقب؛ 7) العرب تقول للطائر إذا لحق ببطن السماء: فقد ثقب، وكل ذلك قد جاء في التفسير؛ 8) في حديث الصّدّيق، رضي الله عنه: نحنُ أثقبُ الناس أنساباً، أي أوضحهم؛ 9) قول الحجاج لابن عباس إن كان لمثقباً، أي ثاقب العلم مُضيئه، والمثقبُ بكسر الميم العالمُ الفطنُ؛ 10) الأصمعي: حسب ثاقب: نيّر؛ 11) ثقب رأيه ثقوباً: نفذ، وقول أبي حيّة: من العلم إلا بالذي أنا ثاقبه؛ 12) ابن الأعرابي: ثقبه الشّيب وثقب فيه: ظهر عليه، وقيل هو أوّل ما يظهر، والثقيب والثقيبة الشديد الحمرة من الرجال والنساء، والمصدر الثّقابة؛ 13) قال الراعي: بنجدي ثُقيبٍ حيث لاحت طرائقه.

الإله أجو (القيوم) خسف الأرض قبل 13 ألف سنة فهل ستُخسف مرة ثانية؟ الأرجح “نعم” لكن لا نعرف متى.

(Visited 44 times, 1 visits today)

Last modified: 10 يونيو، 2023

اشترك للحصول على نصائحنا الأسبوعية ، ومهاراتنا ، ومعداتنا ، ونشراتنا الإخبارية الشيقة.
Close