الأصول الثنائية جذور الكلام الأصيل كله وليس في جزيرة العرب مصدر لغوي معروف آخر. هذا يعني أن هذه الأصول الثنائية أساس الاشتقاقات اللغوية جميعاً لكنها أيضاً أسماء الناس والأماكن وكل ما تطلّب دلالات لفظيّة. إذا لم يكن للأسماء أصل ثنائي فربما كانت لا تنتمي إلى كلام قومي *أد وعد. إذا كان الكلام يتضمن حروف الثاء والذال والظاء قبل الميلاد، فالأرجح أنه ليس من كلام أهل جزيرة العرب، ففرزه وفصله سهل، فيما تتطلب معالجة كلام الضاد بعض التدبير اللغوي الاضافي. وفي تحليل الكلام احتمالات، لأن العربية تخضع لمعظم الشروط اللغوية التي تخضع لها اللغات الأخرى، لكن الحكم القاطع هو الأصول الثنائية، إن لم يكن في معظم الحالات ففي أكثرها. فليُقل، إذاً، إن تأصيل الكلام فتح، مثل كل العلوم الأخرى، بوابة أُغلقت قبل أربعة آلاف أو خمسة آلاف سنة، لكنها مُشرعة اليوم ولم يعد إغلاقها ممكناً.
ولكل مبنى من مباني العربية، وقبلها العاربة، عصر معروف. عصر الأصول الثنائية كان أولاً، بعده عصر الثنائي المضاعف (بربر، زلزل، خرخر)، وبعده عصر الثنائي المتوالف ثم عصر السوابق والنسائل الثلاثية وهو آخر العصور. المفروض ألا يتضمن عصر الأصول الثنائية السوابق الثلاثية لأن الانسان لم يكن وجد حاجة بعد لابتكارها. إذا كان اسم الأب من مبنى الأصول الثنائية فاسم ابنه من المبنى نفسه، ولا يمكن أن يكون من مبنى ينتمي إلى عصر لاحق مثل عصر النسائل والسوابق الثلاثية. هذه أبسط طريقة للتحقق من أنساب العرب. إذا كان اسم الرب في اليمن أو في سورية «بعل»، واسم الرب في بلاد الرافدين «ال» فالاسم الثاني هو الاسم الأقدم لله. إذا كان للفظة ايل (الله) أصل ثنائي في العاربة والعربية ولم يكن لها أصل ثنائي في العبرية فأصل الكلمة من كلام العربية والعاربة لا من كلام العبرية. إذا كان لكلام المسيح (*مس ← مش) والراهب (ره) والحَبْر (*حپ) والتوراة (*رأ) والتلمود (*لم) أصول ثنائية في العاربة والعربية فالسؤال عن سبب «عروبة» هذه اللفظات يختلف عن أسئلة متداولة أخرى مثل: من سبق من في تاريخ الأديان، ومن أخذ من الآخر، وما هو الأصل الحقيقي للمفاهيم الدينية الأساسية؟ إذا كان بعض هذه اللفظات من لغات أخرى فمن الضروري عرض أصولها.
أسماء مثل محمد وهود وشعيب وصالح أسماء عربية واضحة فهي من مبنى الثلاثي وأصولها جميعاً أصول ثنائية: *حم، *هد، *شع، *صل. لهذه الأسماء خاصيّة أخرى هي أنها جميعاً من كلام الأديان، ومثلها إبراهيم واسماعيل واسرائيل ومريم وموسى ويعقوب واسحاق، وغيرها. في القرآن: «أم تقولون إنّ إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط كانوا هُودا أو نصارى قل ءأنتم أعلم أم الله» (البقرة 140). وتبدو الآية واضحة: ابراهيم واسماعيل واسحق ويعقوب لم يكونوا يهوداً، فكيف قيل إن «يصحاق» ويعقوب من أجداد الأمة الاسرائيلية؟
Last modified: 4 يناير، 2023